ابن الخيمي 602-685 هـ / 1205-1286 م هذا هو تلميذ ابن الفارض، والابن الروحي لهذا الشاعر الصوفي الأشهر. ولد شهاب الدين ابن الخيمي في اليمن، أي أنه يمني الأصل، ولكنه عاش معظم حياته التي امتدت اثنين وثمانين عاما في مصر، حتى توفي سنة 685 ه

0
1152

ـ.

وقد سار ابن الخيمي الذي كان يحيا على مقربة من ابن الفارض الذي كان يعامله معاملة الوالد لولده، سار على نفس نهج أقرانه من شعراء الصوفية الذين سادوا القرن السابع الهجري.

ومع ذلك، فإنه يبدو أن ابن الخيمي قد بدأ حياته شاعرا غزليا. ولعل ما يدفع إلى هذا الاعتقاد هو تلك الأبيات التي يصف فيها المحبة التي لا تليق في ظاهرها بالمحبة الالهية:

أيا من سَلَوا عنا ومالوا إلى الغدرِ “”” ومالزموا أخلاق أهل الهوى العذري
وبعد حلاوات التواصل والهوى “”” جنوا مُرّ طعم الهجر من علقم الصبر
اذا ما رجعتم عن محبتكم لنا “”” مشاةً رجعنا عن محبتكم نجري
وإن كنتم في الجهر عنا صددتم “”” ففي سرِّنا عنكم نصدُّ وفي الجهر
سكنتم فؤادي مرةً ورحلتم “”” فأصبح منكم خالياً خالي السرِّ
وقال لي العذالُ هل أنت راجعٌ؟ “”” إذا رجعوا عن غدرهم قلت لا أدري!

ولابن الخيمي أشعار كثيرة في الحب الالهي، ويرى الباحثون أن شعره الصوفي يجعله في مقدمة شعراء الصوفية الكبار لرقته، وعذوبته وإبتعاده عن التكلف والصنعة.

ونقدم هنا “بائية” ابن الخيمي الرائعة “حسبي علوا”:

يا مطلباً ليس لي في غير أربُ “”” إليك آل التقصِّي وانتهى الطلبُ
وما أراني أهلاً أن تواصلني “”” حسبي علواً بأني فيك مكتئبُ
“””
لكن ينازعُ شوقي تارةً أدبي “”” فأطلب الوصلَ لما يضعفُ الأدبُ
ولستُ أبرح في الحالين ذا قلق “”” نام وشوقٍ له في أضلعي لهب
“””
ومدمعِ كلما كفكفت صَيِّبَهُ “”” صوناً لذكرك يعصيني وينسكبُ
ويدَّعي في الهوى دمعي مقاسمتي “”” وجدي وحزني ويجري وهو مختضبُ
كالطرف يزعم توحيدَ الحبيب ولا “”” يزالُ في ليلهِ للنجمِ يرتقبُ
“””
يا صاحبي قد عدمت المسعدين فسا “”” عدني على وَصَبي لا مَسَّكَ الوصبُ
بالله إن جزتَ كثباناً بذي سَلَمٍ “”” قفْ بي عليها وقُلْ لي: هذه الكثبُ
ليقضي الخدُّ من اجراعها وطراً “”” في تُربها ويؤدي بعض ما يجبُ
“””
وملْ إلي البان من شرقّي كاظمة “”” فلي إلى البان من شرقيِّها أربُ
وكلما لاح معنى من جمالهم “”” لباه شوقٌ إلى معناه منتسبُ
أظلُّ دهري ولي من حبهم طربٌ “”” ومن أليم إشتياقي نحوهم حَرَبُ
“””
لله قومٌ بجرعاء الحي غُيُبُ “”” جنوا عليّ ولما أن جنوا عتبوا
يا ربِّ هم أخذوا قلبي فلم سخطوا؟ “”” وأنهم غصبوا عيشي فلِمَّ غضبوا؟
هم العُرَيْبُ بنجدٍ مُذُ عرفتهمُ “”” لم يبقْ لي معهم مالٌ ولا نَشَبُ
شاكون للحرب لكن من قدودهمُ “”” وفاتراتُ اللحاظِ السمرُ والقضبُ
فما ألموا بحيٍّ أو ألمّ بهمْ “”” إلا وغادرو على الأبيات وانتبهوا
عاهدتُ في زمن البطحاء عهدي هوى “”” إليهم وتمادتْ بيننا حِقَبُ
فما أضاعوا قديمَ العهد بل حفظوا “”” لكن لغيري ذاك العهدَ قد نسبوا
“””
من منصفي من لطيفٍ منهم غَنِجٍ “”” لدنِ القوام لاسرائيل ينتسبُ
مُبدِّلِ القول ظلماً لا يفي بموا “”” عيد الوصال ومنه الذنبُ والغضبُ
تُبينُ لثغتُهُ بالراء نسبَته “”” والمينُ منه بزور الوعدِ والكذبُ
“””
موَحدٌ فيرى كل الوجود له “”” ملكاً ويبطل ما يأتي به النسبُ
فعن عجائبه حدِّثْ ولا حرجُ “”” ما ينتهي في المليح المطلقِ العجبُ
بدرٌ ولكن هلالاً لاح اذ هو بالـ “”” ورديِّ من شفق الخدين منتقبُ
“””
في كأس مبسمه من حلو ريقته “”” خمرٌ ودُرُ ثناياه لها حَبَبُ
فلفظة أبداً سكران يسمعنا “”” من مغرب اللحن ما يُنسي به الأدبُ
تجنى لواحظه فينا ومنطقه “”” جناية تجتني من مرها الضربُ
“””
حلو الأحاديث والألحاظ ساحرها “”” تُلقى إذا نطقَ الألواحُ والكتبُ
لم تبقِ ألفاظه معنىً يرق لنا “”” لقد شكتْ ظلمه الأسعارِ والخطبُ
فداؤه ما جرى في الدمع من مهجٍ “”” وما جرى في سبيل الحبِّ محتسَبُ
“””
ويح المتيَّم شامَ البرقَ من إضم “”” فهزّه كاهتزاز البارق الحَرِبُ
وأسكن البرقَ من وجد ومن كلفٍ “”” في قلبه فهو في أحشائه لهبُ
وكلما لاح منه بارقٌ بعثت “”” ماء المدامع من أجفانه سُحبُ
وما أعادت نسيماتُ الغوير له “”” أخبار ذي الأثل إلا هزّه الطربُ
واهاً له أعرضَ الأحبابُ عنه وما “”” أجدتْ رسائله الحُسنى ولا القربُ

بالأثل لنا حديث وجد طابا “”” عاهدت على صحته الأحبابا
أصبحت به مستغنيا مشتغلا “”” ما أعرف انسانا ولا أنسابا

جزعت لان جيش الروم وافى “”” ومثلى ليس يجزع فى الخطوب
وما جزعى لشيء غير أني “”” أخاف من العدو على الحبيب

يا مذهبين بجسمي “”” وذاهبين بقلبي
مالى على البعد الاّ “”” ارسال دمعي وكتبي
وحق ما كان منكم “”” من طيب وصل وقرب
لولا هواكم حياتى “”” قضيت بالبين نحبي

ما أشوقني ولم أزل مقتربا “”” ما زادني الدنو الا طلبا
جاد الاحباب بالتداني ورضوا “”” بالوصل وما شكواى الا الرقبا

لم توف أشواقي ولا لوعاتي “”” حق الهوى لكم ولا عبراتي
مع أن أيسر ما عدمت بلوعتى “”” روحي وأهون ما وجدت مماتى
يا من يعز وصالهم أن يشترى “”” بنفائس الاموال والمهجات
جهد الصبابة في هواكم سلوة “”” ونهاية البلوى من اللذات
وفوات جسم الصب آفات الضنى “”” في حبكم من أعظم الآفات
فسقام جسمي في هواكم صحتى ال “”” كبرى وموتي فيه عين حياتي

إذا ما بثثت الشوق يا عز فاعلموا “”” بأن يسير الشوق يعجز عن بثي
تجدد لي الاشواق فى كل ساعةٍ “”” على بالي البالى ومصطبرى الرث
وانفث أشكو فرقة فيطبها “”” بأخرى كأن البين يطرب من نفثى

ماذا أبث إليكم مما غدا “”” حكم الزمان به علي وراحا
أأقول أنى قد بكيتم دما “”” حتى كأن بمقلتي جراحا
أو أننى ألقى الركائب او أسشيم “”” البرق أو أتنسّم الارواحا
شوقي اليكم فوق وصفي والصبا “”” به فوق أن أشتاق أو أرتاحا

لي من دمشق حبيب “”” بالشخص عني بعيد
فنهر دمعي للوج “”” د في دمشق يزيد

يا من أدار بحسنه المعبود “”” صهباء وصل فى كؤوس صدود
ملأت محاسنك الوجود محاسنا “”” لم يبق قلب فيك غير عميد
يا من دعانى قبل أوجد حسنه “”” فقضى جمال وجوده بوجودى
إني بحسنك قد حييت وإنني “”” سأموت من شوق عليك شديد
وإذا رضيت بان أموت هوى فقد “”” أحييتنى يا مبدئى ومعيدى
أضحى جمالك مفرطا وصبابتى “”” لورودها فمتى يكون ورودي
ولقد رأيت مياهها لكنها “””رؤيا صدٍ عن ذوقها مصدود
أمعذبي بدلاله ومنعمي “”” بجماله وبهائه المشهود
إن كنت فى يوم العذاب معاتبى “”” فمتى أفوز بيومه الموعود
لى من جمالك حسن وعد يرتجى “”” ومن الدلال علي حسن وعيد
خطوات ذكرك لا تفارق خاطري “”” وجمال حسنك لم يزل مشهودى
واذا نطقت فأنت مقصودى وان “”” أصمت فحين فناي في مقصودى
لولاك لم ينض المساق مطيتى “”” ولما أنست بموحشات البيد
ولما حبست على معالم رامة “”” نضوي أسائل صامت الجلمود
ولعى بغزلان الصريم قضى به “”” ولهى عليك وموقفى بزرود
فى كل وقت لى هوى متجدد “”” لغريب حسن لاح فيك جديد
خفيت به ذاتى وأظهر صبوتي “”” فتبين المعدوم بالموجود
شهدت لى الاشجان فيك بأنني “”” فان فقد ثبت الفنا بشهود
غلب الغرام على رسومى فاعجبوا “”” لغرامي الموجود فى مفقود

يا أهل ودى وانهى “”” قصدى وانس مرادي
بنتم فوجدي عليكم “”” باق ليوم المعاد
وحقّ طيب التلاقي “”” وحسن عهد الوداد
لم يعرف الصبر عنكم “”” ولا الهدو فؤادي
ان كان قلبي سلاكم “”” فلا ارتوى منه صادي
وان أردت سواكم “”” فلا بلغت مرادي
ما أملك الميل عنكم “”” يا مالكين قيادي
حاشاكم أن تضيعوا “”” فيكم جميل اعتقادى

ما ضرّ من ملك فؤادى بأسره “”” لو لم يضع بعض الجميل بهجره
فيضم شمل جميله وجماله “”” ويجوز حب محبه مع أجره
مالي أبوئه الفؤاد جميعه “”” ويطيره بصدوده من وكره
بدر له في كل قلب منزل “”” متحجب من عزه عن سرّه
يا ليته اذ كان قلبى بيته “”” لو كان يبرد بالرضا من حره
لم أسمه بالشمس حيث طلوعه “”” ما كان الا في دجنه شعره
منح الغزال ملاحة من لحظه “”” وكسا الغزالة خلعة من بشره
وأقام في قلبي وأوقد ناره “”” فيه ورد فقيره عن برّه
تدعو محاسنه ويزجر صده “”” قد حرت فى اذن الحبيب وزجره
يممت خيرا من وصال جماله “”” ويزيد العذول بسره
يا عاذلي ما أنت إلا مذنب “”” لكن أتيت بشافع من ذكره

ضاع في آثارهم قلبي فلا “”” معهم قلبي ولا قلبي معي
عاذلي عذلك من يسمعه “”” ولئن كنت سميعا من يعى
ملأوا قلبي وعينيّ فما “”” لسواهم فيهما من موضع
وأحاديثهم ما تركت “”” لسواهم موضعا فى مسمعى
بى هوى يعجز رضوى حمل ما “”” حملت منه حنايا أضلعي
وغرام شهو الواشى به “”” قبل دعواى وغيري يدعي

بالرغم مني أن تنأى الديار بكم “”” وان يفرق شمل كان مجتمعا
وان تعود ديار الانس موحشةً “”” وأن يكون طريق الوصل منقطعا
لم يبق غيركم مني سوى طمعتي “”” فيكم ويا ليته يبقى لي الطمعا
أصبحت أقنع بالآمال بعدكم “”” والصب ان هو لم يعط الرضا قنعا
ما لاح برق ولا هبّت يمانية “”” الا تعاظم خرق الوجد واتسعا
ولا شدا طائر الا وضعت يدي “”” على فؤادي أظن القلب قد وقعا
يا من يراعيه قلبى كلما نظرت “”” عيناى او سمعت أذناى مستمعا
الحسن منك بدا معناه ثم غدا “”” مفرقا فى الورى لكن لك اجتمعا
أقررت عينى اذا ما زلت أشهد أن “”” كل المرائى جمالا منك مظبعا
إن تنظر العين الا أنت لانظرت “”” وان دعا السمع الا منك لا سمعا
وعنك ان بردت أحشاى لا بردت “”” ودونك الطرف ان يهجع فلا هجعا
فقرى اليك غنى والشغل عنك عنا “”” والعذل فيك الى طيب الغرام دعا
وقد بلغت بحبّي فيك منزلةً “”” جلالها عن حضيض النطق قد رفعا
يا جامع الشمل حقا للمتيم أن “”” يفنى سرورا بأن الشمل قد جمعا

لولا هواكم ما شاقنى طلل “”” بالخيف ناء عن مقلتى شاسع
كلا ولولا بروق بشركم “”” ما راقنى بارق الغضا اللامع
لا نال قلبى الذى يؤمله “”” ان كان يوما بغيركم قانع
هذا جمال الحبيب مقتدر “”” صيّر كل امرىء له طائع

أعرفت ما ألقاه بعدك “”” قرب العواذل لي وبعدك
والقلب خلف لى الجوى “”” والوجد ثم أقام عندك
والبعد لم يقنع به “”” حتى ضممت اليه صدّك
ونسيت عهد مودّتي “”” وأنا الذي لم أنس عهدك
وتواترت خدمى الي “”” ك فلم تجب حاشاك عبدك
إني أعيذ من الجفا “”” والغدر يا مولاي ودك

لم يضن بحبّى لك جسمى البالي “”” يا صحّة جسمي ونعيم البال
بل حبّك صحتي ولكن غرضي “”” في سقمي أن اخفى عن العذال

وعزوا الى أن لم تصلهم رسائلى “”” ولو وصلت ما أقنعتنى الرسائل
أملاك أمرى أننى متوسل “”” بانى من كل الرسائل عاطل
وان حياتى أن أموت بحبكم “”” وعيشي في أن الضنى لي منازل
وبر فؤادى أن يذوب بحره “”” وراحة طرفى أن يرى وهو هامل
خليلى قد اقترت من طيب وصلهم “”” وعندى من الشوق الأليم حواصل
تعلّل بأخبار الزمان الذى مضى “”” اذ العيش غض والحبيب مواصل
وساعة اخذ العهد اذ أنا عاشق “”” هناك ومعشوق ومصغ وقائل
وما بيننا إذ ذاك شيء مكدّرٌ “”” وما بيننا الا الهوى والتواصل

قرأنا سور السلوا “”” ن عنكم وحفظناها
وآيات الهوى لما “”” محوناها نسيناها
ليالى صدكم عنا “”” شكرناها ونمناها
ولو مر بنا فيها “”” بكم طيف سهرناها
واقوال اللواحي قد “”” سمعنا وأطعناها
وأما أدمع العين “”” فللقلب رددناها
فأطفأنا بها نارا “”” لكم كنّا وقدناها
صباباتي لكم قد كا “”” ن في قلبي معناها
فقد أقفر من معنى “”” صباتاتي مغناها
فكونوا كيفما شئتم “”” فأهواكم بلوناها
وقد نلنا من السل “”” وة أقصاها وأدناها

شوقي إليكم مثل وجدي فيكم “”” أبدا يزيد حضرتم أو غبتم
والقلب أصبى ما يكون لوصلكم “”” والجسم أضنى والمدامع سجّم
وحقكم لم يطف دمعي لا ولا “”” برد الصبا ناراً بقلبي تضرم
كلا ولا سكن الذى هو ساكن “”” في القلب من قلق الحنين اليكم
وأنا الذى لم يسله ما يفعل ال “”” أحباب فيه وما تقول اللوّم
يا من يقربني التذكر والنهى “”” عنهم وتبعدنى المهامه عنهم
ومن انتهى طلبي اليهم وانتهى “”” فالآن مالي مطلب الاّ هم
كليّ لكم متوجه ويصدّني “”” اجلالكم عن أن أقول اليكم
فالشوق يحبرنى وقدرى حابسى “”” والقلب ينجد والجوارح تتهم

أترى لداء صبابتي ابلال “”” ولذلك الصدر الصدى بلال
هيهات كل دواء وجد بعدكم “”” داء لدىّ وكل ماء آل
أمسي وأصبح آيساً من صحتي “”” وصلاحى العوّاد والعذال
واسوّدت الأيام بعدكم أسىً “”” فلذا ليالى المستهام طوال
امخيمين بذى الأراك وواردى “”” ماء هناك اليه يهدى الضال
ان كان عن ميت الكرى غبتم ففى “”” حيّ الصبابة أنتم نزال
وعلى الحقيقة ما يزل تعطشى “”” أبداً ولو أنّ الغرام وصال
ما زلت صبّا فى الدنوّ وفي الأسى “”” متشوقا لكم ولست أزال
ويزيدني لكم تعاليل المنى “”” شوقاً فمن آلامي الآمال
وأكاد شوقا أن أطير اليكم “”” لكن علىّ من الجوى أثقال
ويضيق بى رحب الفضاء واننى “”” مما نحلت كأنما أنا آل
ولئن بقيت فلا يحادث سلوة “”” حاشا غرامى يعتريه كلال
فلقد خفيت عن العيون فانما “”” أنا فى الظنون لدى الانين خيال
يا ساكنى البلد الحرام تحية “”” من مغرم لندنوّكم يحتال
عودوا لموطنكم الذى من بعده “”” ماء الحياة من الجفون مذال
لله ذاك العيش مرّ فما حلت “”” من بعده حال لنا أو مال

*يتبع
* قد لا أضع القصائد كاملة وإنما أختار منها أبياتاً أعجبتني..