بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله المنفرد باسمه الأسمى,المختص بالعز الأحمى الذي ليس دونه منتهى, ولا وراءه مرمى ,الظاهر لاتخيلاً ولا وهماً,الباطن تقدساً لاعدماً,وسع كل شيء رحمةً وعلماً ,واسبغ على أوليائه نعماً عماً وبعث فيهم رسولاً من أنفسهم ,عرباً وعجماً وأزكاهم محتداً ومنمىً وأرجحهم عقلاً وحلما وأوفرهم علماً وفهماً ,وأقواهم يقيناً وعزماً,وأشدهم بهم رأفةً ورحماً ,زكاه روحاً وجسما,وحاشاه عيباً ووصما,وآتاه حكمةً وحكماً,وفتح به أعيناً عمياً ,وقلوباً غلفاً , وآذاناً صماً ,فآمن به وعزره ونصره من جعل الله له في مغنم السعادة قسماً,وكذب به وصدف عن آياته من كتب الله عليه الشقاء حتماً صلاةً تنمو وتنمى وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.
اللهم صل على سيدنا محمد الفاتح لما أغلق والخاتم لما سبق ناصر الحق بالحق والهادي إلى صراطك المستقيم وعلى آله حق قدره ومقداره العظيم
ذكر بنيان قريش الكعبة شرفها الله تعالى
ولما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسا وثلاثين سنة اجتمعت قريش لبنيان الكعبة وكانوا يهمون بذالك ليسقفوها ,ويهابون هدمها,وإنما كانت رضماً فوق القامة.وكان البحر قد رمى بسفينة إلى جدة لرجل من تجار الروم ,فتحطمت فأخذوا خشبها فأعدوه لتسقيفها,وكان بمكة رجل قبطي نجار,فنتدبوه للعمل عليها,وكانت حية تخرج من بئر الكعبة التي كان يطرح فيها ما يهدى لها كل يوم ,فتشرق على جدار الكعبة,وكانت مما يهبون ,وذالك أنه كان لا يدنو منها أحد إلا احزألت وكشت وفتحت فاها,فبينما هي ذات يوم تتشرق على جدار الكعبة كما كانت تصنع بعث الله إليها طائراً فاختطفها فذهب بها فقالت قريش:إنا لنرجوا أن الله قد رضي ما أردنا,فلما اجمعوا أمرهم في هدمها وبنائها قام أبو وهب بن عمرو بن عائد بن عبد بن عمران بن مخزوم, فقال :يا معشر قريش ,لاتدخلوا في بنائها من كسبكم إلا طيباً,لايدخل فيها مهر بغي,ولا بيع رباً,ولا مظلمة أحد من الناس ,ثم إن قريشاً جزأت الكعبة ,فكان شق الباب لبني عبد مناف وزهرة,وما بين الركن الأسود والركن اليماني لبني مخزوم وقبائل من قريش انضموا إليهم وكان ظهر الكعبة لبني جمح وسهم,وشق الحجر لبني عبد الدار بن قصي ولبني أسد بن عبد العزى,ولبني عدي بن كعب ,ثم إن الناس هابوا هدمها,فقال الوليد بن المغيرة :أنا أبدؤكم في هدمها .فأخذ المعول ثم قام عليها وهو يقول :اللهم لم نزغ؟ اللهم لا نريد إلا خيراً ,ثم هدم من ناحية الركنين,فتربص الناس تلك الليلة وقالوا :ننظر ,فإن أصيب لم نهدم منها شيأً ورددناها كما كانت,وإن لم يصبه شيء فقد رضي الله صنعنا فهدمنا.فأصبح الوليد من ليلته غادياً على عمله,فهدم وهدم الناس معه حتى إذا انتهى الهدم بهم إلى أساس إبراهيم عليه السلام,أفضوا