بسم الله الرحمان الرحيم
الحمد لله رب العالمين و صلى الله على سيدنا محمد و آله و صحبه و سلم
لما رأيت أذكار سيدي الشيخ أحمد بن محمد التجـــــــاني تنقسم إلى قسمين لازمة و اختيارية و اللازمة كلها واردة شرعية و أطلق الشارع للمسلمين في الدعـــــاء و قال المصطفى صلى الله عليه و سلم أما الركوع فعظموا فيه الرب و أما السجود فادعوا فيه بما شئتم فقمن أن يستجاب لكم و لم يلتزم أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم دعاء بعينه و دعوا تارة بدعاء النبي صلى الله عليه و سلم و تارة بما ألأهمهم الله عز وجل
و هذا أي سارت عليه الأمة من خير القرون و هم القدوة ، و إلى ذلك ترجع الأدعية التي أجراها الله عز وجل على قلــــوب الأولياء و ألسنتهم رضي الله عنهم و رأيت كثيرا ممن لا خلاق لهم يطعنون في الطريق أردت أن أثبت في هذه العجالة أصول كل ذكر من أذكار الطريقة أنها واردة في الأحاديث النبوية حتى الأعداد محدودة في جل الأصول لكني أكتفي بورد الأصل لأن الاعتبار الاستناد إلى الشارع
و إني إن شاء الله أرتب هذه العجالة على مقدمة و مقصد و خاتمة، المقدمة في أصل الذكر كتابا و سنة و المقصد في ذكر كل أصل من أصول الطريقة ثم إني أعرضها على شيخي ” سيدي محمد الحافظ التجاني ” فإن أجازها الحمد لله فله المنة و إن رأى أنها من سقط المتاع فليكسها مما أفاء الله عليه فتعود صحيحة سوية بفضل الله و كان هذا الجمع بإشارة منه فها أنا أشرع في المقصود مستمدا التوفيق و العون من الملك المعبود
المقدمة
اعلم وفقني الله و إياك أن أصل الأذكار قول الله جل ذكــره ” فاذكروني أذكركم” و قوله ” و الذاكرين الله كثيرا و الذاكرات أعد الله لهم مغفرة و أجرا عظيما ”
و أن الذكر لفظ عام يشمل الصلاة و التـــــــــــلاوة و التهليل و التسبيح و التحميد و الاستغفار و غيره و أي درجة و أي فضيلة تداني ذكر الله إياك
و جاء في الحديث القدسي عن الله عز و جل: من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، و من ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير من ملاه
و في حديث آخر قدسي: من تقرب إلى شبرا تقربت منه ذراعا ، و معنى اذكروني تذللوا لجلالي أذكركم ألكشف الحجب عنكم و أفيض عليكم رحمتي و إحســــــاني و أحبكم و أرفع في الملأ الأعلى ذكركم كما ذكر في الحديث و في الحديث أيضا إن الله إدا أحب عبدا نادى جبريل فقال له يا جبريل إني أحب فلانا فأحببه ثم ينادي في السماء إن الله يحب فلانا فأحبوه فيحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول في الأرض
فينبغي للإنسان أن يذكر الله كثيرا قال الله جل ثنائه ” و الذاكرين الله كثيــــــــــرا و الذاكرات أعد الله لهم مغفرة و أجرا عظيمــــا ” و لا تلتفت لـــواش و لا رقيب و لا تترك الذكر لعدم الحضور مع الله فرب ذكر مع غفلة يجر لذكر مع حضور لأنهم شبهوا الذكر بقدح الزناد فلا يترك الإنسان القدح لعدم إيقاده من أول مرة بل يكرر القدح حتى يوقد فكذلك يذكر الذاكر حتى يتقد القلب فإذا استنار القلب استنارة الأعضاء فلا يقدر الشيطان على وسوسته ” إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون ” و سهلت العبادة على الأعضاء فلا يكون على الذاكر كلفة و يكفي الذاكر شرفا ما روي أنا جليس من ذكرني
و اختلف الأشياخ هل الأفضل الذكر مع الناس أو الذكر في الخلوة و قال قوم بالتفصيل إن كان الذاكر ينشط وحده و لم يكن يدعو إلى الله لهداية الناس فالخلوة في حقه أفضل و إلا فذكره مع الناس أفضل إما لينشط أو ليقتدي الناس به.اهـ
و اختار شيخنا سيدي أحمد التجاني في بعض الأذكار الخلوة و في بعضها الذكر مع الناس كل ذلك في الأوراد اللازمة فقد جمع بين الفضيلتين جعلنا الله من أهل ذكره
ثم اعلم أن المقاصد تختلف في الذاكرين فمن قصد بذكره الدنيا فقط فهو مخلط في عبادته، و من قصد بذكره دخول الجنة و النجاة من النار فهو على هدى من ربه لأن الجنة فضل الله عز وجل و قد رغب في فضله سبحانه، و من قصد بذكره شكر الله تعالى على خلقه إياه و إنعامه عليه و لم يقصد غيره فهو من المقربين اهـ .
و أعلى العبادات منزلة الذي يذكر الحق سبحانه لذاته لأنه الكامل الذي لا يصح الكمال الذاتي إلا له وحده عز شأنه .
قال العلامة الأجهوري في منظومة مناهج الصوفية
أعلى العبادات لأجل الذات لما به من كمال الصفـــــات
أنزلهـــــــــــا لنيله الثواب بها كذا دفعة العقـــــــــــاب
أوسطها لأجل قصـد النية أي كونه عبدا لمولى النعمة
ثم اعلم أيها المريد الصادق أنه لا ينبغي لك الدخول في سلك أهل هذا الشأن حتى تـُحصِل ما تحتاج إليه من العلوم الشرعية لأن عمل الباطن يرجع حاصله إلى أمر واحد و هو إخلاص التوحيد لله غز وجل باعتقاد العبودية له و سـُلمُ هذا هو العلوم الشرعية فكل من لم يحسن سياسة الشرع و صدق المتابعة لرسول الله صلى الله عليه و سلم دخل عليه الشيطان و سول له أنواع الغرور و ظن أنه حصل حل حسن الحـــــال و يدخل عليه الفتنة من حيث لا يدري اهـ
و لا بد للسائر في هذه الطريق من صحبة شيخ محق مرشد قد فرغ من تهذيب نفسه و تخلصه من هواه فليسلم نفسه إليه التسليم الموافق للشرع و ليلزم طـــاعته و الانقياد إليه في كل ما يشير به عليه من غير ارتياب و لا تأويل و لا تردد ما دام موافقا لأمر الله و أمر رسول الله صلى الله عليه و سلم
قال الشيخ أبو علي الثقفي رضي الله تعالى عنه لو أن رجـــــــلا جمع العلوم كلها و صحب طوائف الناس لا يبلغ مبلغ الرجال إلا بالرياضة من شيخ أو إمـــــــــام أو مؤدب ناصح و من لم يأخذ أدبه من آمر له و ناهٍ يريه عيوب نفسه و رُعُـونـَات أعماله لا يجوز الإقتداء به في تصحيح المعاملات اهـ
و كل المشايخ مشايخ الطرق الصوفية تمرنوا و تهذبوا على العلوم الشرعية و دقائقها و عملوا بما علموا فأورثهم الله علم ما لم يعلموا و انظر أبيات سيدي محي الدين بن عربي الحاتمي في الحث على إتباع الشرع و ترك الالتفات للعقل و الكشف إذا خالف الشرع كما في تفسير الالوسي المسمى بروح المعاني الجزء الأول ص 143 و هي :
كيف للعقل دليـــــــــــــــل و الذي قد بناه العقل بالكشــف إنهدم
فنجاة النفس في الشرع فــــــــــلا تكُ انسانــــــــا رأى ثم حرم
و اعتصم بالشرع في الكشف فقد فـــــاز بالخير عبيد قد عصم
إن للفكر مقـــــــــــــــاما فاعتضد فيه به تك شخصــــا قد حرم
كل علم يشهد الشـــــــــــــــرع له هو علم فبــــــــــــه فلتعتصم
و إذا خالف العقل فقـــــــــــــــــل طورك الزم مـا لكم فيه قـدم
و يؤيد هذا ما روي عن الشافعي رضي الله عنه أنه قال :
إن للعقل حدا ينتهي إليه كما أن للبصر حدا ينتهي إليه، و مراد أهل الله بتقديم الشرع على العقل في غير القطعيات و ما يظهر من التعارض بين العقل و الشرع لا يتأتى إلا إذا كان الدليل العقلي الذي يستند إليه الناظر دخله شيء في احدى المقدمتين أو في نظمه ، أو كان في الدليل النقلي احتمال و الدليل العقلي الصحيح لا يمكن أن يتعارض مع الدليل النقلي الصحيح و لا الكشف الصحيــــــــح فالحق لا تعارض فيه
و الحمد لله إن هذه الطريقة التجانية الإبراهيمية المحمدية سهلة لا يشترط للوصول فيها رياضة و لا خلوة بل هي طريقة الشكر و الفرح بالمنعم و الريـــاضة القلبيـة و مدار التربية في طريقتنا هذه على إقامة الورد اللازم المعلوم الذي لا يصح الدخول فيها بدونه لأحد في الخصوص و لا العموم و كذا توابعه و هي الأذكار المشمولة باللزوم معه و هي الوظيفة المعروفة و ذكر الهيللة عصر الجمعة مع المحافظ في جميع ذلك على الشروط المشروطة و الآداب الشرعية المبنية في كتبها
و لله در سيدي عبيدة بن محمد الصغير حيث يشير لذلك في لاميته
بلا خلوة ربى و ربوا بخلوة فشتان ما بين اليزيدين منهلا
فالمطلوب من السالك مداومة الذكر بلا انقطاع و كفاه شرفا حديث البخاري المروي عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم إن لله ملائكة يطوفون في الطريق يلتمسون أهل الذكر فإذا وجدوا قوما يذكرون الله تنادوا هلموا إلى حاجتكم قال فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا قال فيسألهم ربهم غز و جل و هو أعلم بهم ما يقولون عبادي فيقولون يسبحونك و يكبـــرونك و يحمدونك قال فيقول هل رأوني قال فيقولون و الله ما رأوك قال فيقـــــول كيف لو رأوني قال فيقولون لو رأوك كانوا أشد لك عبادةً ًو أشد لك تمجيداً و أكثر لك تسبيحاً قال يقول فما يسألوني قال يسألونك الجنة قال يقول هل رأوها قال يقولون لا و الله ما رأوها قال يقول فكيف لو رأوها قال يقولون لو أنه رأوها كانوا أشد عليها حرصاً و أشد لها طلباً و أعظم فيها رغبةً قال فمما يتعوذون قال يقولون من النار قال يقول: هل رأوها .قال يقولون لا و الله يا رب ما رأوها قال يقول: فكيف لو رأوها. قال يقولون لو رأوها كانوا أشد منها فرارا و أشد لها مخافة قال فيقول فاشهدوا أني قد غفرت لهم قال يقول الملائكة فيهم فلان ليس منهم إنما جاء لحاجة قال هم الجلساء لا يشقى جليسهم اهـ .
و واضح هنا أن الذكر مـُعـَيـَن و هو التسبيح و التحميد و التكبير فدعوى ذلك أن مجالس العلم مكابرة و إمعان في الخطأ و لكن يدخل في الذكر مجالس العلم
و في هذا الحديث مقنع لمن نور الله بصيرته في فضل الذكر و الذاكرين و فضل الاجتماع على ذلك و أن جليسهم يندرج معهم في جميع ما يتفضل الله تعالى به عليهم إكراما لهم و لو لم يشاركهم في أصل الذكر
و يؤخذ من هذا الحديث أن الذكر الحاصل من بني آدم له مزية غير الذكر الحاصل من الملائكة لحصول ذكر الآدميين مع كثرة الشــــــــــواغل و وجود الصوارف و صدوره في عالم الغيب بخلاف الملائكة في ذلك كله اهـ
فمن أراد الوقوف على محتويات هذا الحديث و نكته و فرايد درره فليراجع شرح البخاري للعسقلاني جزء 11 ص 75 – 178. إنما أردنا هنا إثبات أن أصل الطريقة التجانية و أن كل أمرها هو أمر شرعي ظـاهر لكل من زاول كتب السُنة و سـَلـِمَ من الحسد و أنت ترى أن أمر الإجتماع في الذكر و ذكر الجماعة ظاهر ثابت واضح وضوح الشمس في الظهيرة في كل كتب السُنة و كل من عارض هذا قد خالف صريح السُنة و العِياذُ بالله … و نسأل الله تعالى بمنه و كرمه أن يصرف قلوبنا عن كل ما يشغلنا عن ذكره و أن يرزقنــــا حبه و حب رسوله صلى الله عليه و سلم و حب أهل بيته لا سيما قدوتنا القطب الفرداني سيدي أحمد بن محمد التجاني رضي الله عنه
و عن أبي مالك بن يخامر أن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال لهم إن آخر كلام فارقت عليه رسول الله صلى الله عليه و سلم أن قلت أي الأعمال أحب إلى الله ؟ قال أن تموت و لسانك رطب من ذكر الله. رواه الطبراني و ابن حبان في صحيحه
و عن أبي المخارق قال قال النبي صلى الله عليه و سلم مررت ليلة أسري بي برجل مغيب في نور العرش قلت من هذا أملك قيل لا. قلت نبي؟ قيل لا . قلت من هو؟ قال هذا رجل كان في الدنيا لسانه رطب من ذكر الله و قلبه معلق بالمساجد و لم يستسب لوالديه .أخرجه الحافظ بن أبي الدنيا .
المقصد
إعلم وفقني الله و اياك إلى طريق السلام أن أصول طريقتنا هذه ثلاثة: الاستغفـار و الصلاة على خير خلق الله صلى الله عليه و سلم و الكلمة المشرفة لا إله إلا الله ، فهذه هي الأصول اللازمة ثم نظمها ونسقها على أحسن تنظيم و أفضل تنسيق إذ بالاستغفار يتطهر الإنسان من الذنوب حتى يكون صالحا لدخول الحضرة و بالصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم يتوصل إلى الباب فلا يمكن دخـــــــول دار الملك إلا بالواسطة و الصلاة هي الواسطة
فأنت باب الله أي امرئ وافاه من غيرك لا يدخل
و إذا تطهر من ذنوبه و صار صالحا لمجالسة الملوك و أتاه الإذن من الواسطة العظمى دخل الدار و تأهل لمحادثة الملك فقال لا إله إلا الله
و هنا نورد ما لكل من هذه الأصـــول من الفضل و المزية ، و إن شاء الله سأعزو كل حديث و أقول لقائله و اعلم أن الكلام في الاستغفار و فضله طويل الذيول كثير الفصول لا تحتمله هذه العجالة فنورد إن شاء الله ما تيســــر و نترك ما عسر
قال الله تعالى جل ذكره ( استغفروا ربكم انه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا و يمددكم بأموال و بنين) الآيات و قال جل من قائل ( و الذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم استغفروا الله لذنوبهم و من يغفر الذنوب إلا الله )
انظر رحمك الله معنـــــى إرســــــــال السمــــــــاء و الإمداد بالأمــــوال و البنين و إدرار الأنهار لسبب الاستغفار و كل المذكورات زيادة على الغفران… فافهم
هذا عسى أن تفهم ما أورده الحــــــافظ بن حجر العسقلانـــــــــــي في شرحه على البخاري عن الحسن البصري ج 11 ص 86
أن رجلا شكــــى للحسن البصري الجـــدب فقال اسـْـتـَـغـْـفـِـر الله و شكى إليه آخر الفقر فقال اسـْـتـَـغـْـفـِـر الله، و شكـــى الآخــر جفاف بستانه فقال اسـْـتـَـغـْـفـِـر الله و شكـــــى إليه الآخر عدم الولد فقال اسـْـتـَـغـْـفـِـر الله اهـ
و أورد أيضا حديثا حسنا و قال أخرجه أحمد و الأربعة و صححه ابن حبان عن علي رضي الله عنه قال حدثني أبو بكر رضي الله عنه و صدق أبو بكر سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقول ” ما من رجل يذنب ذنبا ثم يقوم و يتطهر فيحسن الطهور ثم يستغفر الله عز و جل إلا غفر له ” ثم تلا (و الذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم استغفروا الله لذنوبهم و من يغفر الذنوب إلا الله )
و أخرج الإمام أحمد باسناد صحيح عن أبي سعيد الخذري رفعه قال ابليس يا رب لا أزال أغويهم ما دامت أرواحهم في أجسادهم فقال الله تعالى ( و عزتي و جلالي لا أزال أغفر لهم ما استغفروني ).
فصل فيما ورد في ذكر استغفر الله مائة مرة
جاء في صحيح البخاري باب استغفار النبي صلى الله عليه و سلم في اليوم و الليلة قاــــــل أبو هريرة إني سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول و الله إني لأستغفر الله و أتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة. و في رواية : إني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة .
و عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول: أستغفر الله العظيم الذي لا اله إلا الله هو الحي القيوم و أتوب إليه في المجلس قبل أن يقوم مائة مرة. و له رواية: إنا كنا نعد لرسول الله صلى الله عليه و سلم في المجلس رب اغفر لي و تب علي إنك أنت التواب الغفور مائة مرة .
و في صحيح مسلم إنه ليغان على قلبي و إني أستغفر الله كل يوم مائة مرة .
و أخرج النسائي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم جمع الناس فقال أيها الناس توبوا إلى الله فإني أتوب إليه في اليوم مائة مرة .
و في المستدرك للحاكم عن حذيفة رضي الله عنه قال كنت زرب اللسان على أهلي ـ قلت يا رسول الله لقد خشيت أن يدخلني لساني النار قال: فأين أنت من الاستغفار؟ إني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة. وهو صحيح على شرط الشيخين .
و في هذا كفاية اللهم اجعلنا من الذين ا أحسنوا استبشروا ، و إن ساءوا استغفروا اهـ .
الأصل الثاني في هذه الطريقة الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم و على آله وصحبه فالكلام فيه شهير بين العام و الخاص قد صنف فيه العلماء و الأولياء فأجــــــادوا و ألفوا في فضلها و مزاياها فأفادوا ، و كم من مصنف في هذا الشأن فأول من صنف في الصلاة القاضي إسماعيل البغدادي المالكي و آخر من كتبوا في الصلاة على سيدنا محمد المختار يوسف النبهاني البيروتي .
لكن أني لمخلوق بتوفية هذا المقام غير أن كلا يأتي بالمستطاع و لذا يدلي دلوه في الدلاء .
أيروم مخلوق ثناءك بعدما أثنى على أخلاقك الخلاق
قال الله تعالى ( إن الله و ملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه و سلموا تسليما ) تدل هذه الآية على وجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم قال الحافظ ابن حجر في الفتح الباري ص 28 ج 11 في جعل ما وقفت عليه من كلام العلماء فيه عشرة مذاهب أولها قول ابن جير الطبري أنها من المستحبات و ادعى الإجماع على ذلك ، ثانيها: مقابلة و نقل ابن القصار و غيره الإجماع على أنها تجب في الجملة بغير حصر لكن أقل ما يحصل به الأجزاء مرة . ثالثها : تجب في العمرِ مرة في صلاة و في غيرها وهي مثل كلمة التدخين قال أبو بكر الرازي من الحنفية و ابن حزم و غيرهما و قال القرطبي المفسر لا خلاف في وجوبها في العمر مرة و أنها واجبة في كل حين وجوب السنن المـــؤكدة ، و سبقه ابن عطية و رابعها: تجب في القعود آخر الصلاة بين قول التشهد و سلام التحلل قال الشافعي و من تبعه . خامسها: تجب في التشهد و هو قول الشعبي و اسحاق و ابن راهوية. سادسها : تجب في الصلاة من غير تعيين المحل و ذلك عن أبي جعفر الباقر. سابعها: يجب الإكثار منها من غير تقيد بعدد قاله أبو بكر بن بكير من المالكية. ثامنها: كل ما ذكر قاله الطحاوي و جماعة الحنفية و الحليمي و جماعة من الشافعية .
و عن الحسن ابن مــــالك بن الحويرث عــن أبـيــه عــن جـــده قــــال صعد رسول الله صلى الله عليه و سلم المنبر فلما رقى عتبة قال آمين ثم رقى أخرى قال آمين ثم رقى عتبة ثالثة فقال آمين ثم قال أتاني جبريل فقال يا محمد من أدرك رمضان فلم يغفر له فأبعده الله فقلت آمين و قال و من أدرك والديه أو أحدهما فدخل النار فأبعده الله فقلت آمين قال فمن ذكرت عنده فلم يصل عليك فأبعده الله فقلت آمين ، رواه ابن حبان في صحيحه عن كعب بن عجرة و رواه الحاكم و صححه و نحوه عن أبي هريرة رواه ابن خزيمة و ابن حبان في صحيحه .
و قال ابن عربي من المالكية إنه الأحوط و كذا قال الزمخشري. تاسعها: في كل مجلس مرة .
عن أبي هريرة رضي الله عنه عل النبي صلى الله عليه و سلم قال ما جلس قوم مجلسا لم يذكروا الله فيه و لم يصلوا على نبيهم إلا كان عليهم ترة فان شاء عذبهم و ان شاء غفر لهم. رواه أبو داود و الترمذي و قال حديث حسن. عاشرها : في كل دعاء .
فصل في تحديد الأعداد
أخرج الإمام و غيره بسند حسن عن كعب بن عجرة رضي الله تعالى عنه أن رجلا قال يا رسول الله إني أكثر الصلاة فما أجعل لك من صلاتي قال ما شئت قال الثلث قال ماشئت و ان زدت فهو خير إلى أن قال أجعل لك كل صلاتي قال: إذا يكفيك الله ما أهمك من أمر دنياك و آخرتك .
هذا هو أصل التحديد لأن الثلث و النصف تحديد و قد و كله الشارع للمسلم كل على حسب طاقته .
و عن عبد الله بن عمر بن العــــاص رضي الله عنهمـــا قال: من صلـــى على النبي صلى الله عليه و سلم واحدة صلى الله عليه و ملائكته سبعين صلاة .رواه أحمد بإسناد حسن .
و في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رفعه من صلى علي واحدة صلى الله عليه عشرا .
و عن أبي بردة بن نيار و أبي طلحة و لفظ أبي بردة من صلى علي من أمتي صلاة مخلصا من قلبه صلى الله عليه بها عشرة صلوات و رفعه بها عشر درجات و كتب له بها عشر حسنات و محا عنه عشر سيئات. أخرجه النسائي و ابن حبان و صححه أنظر فتح الباري ص 140 ج 11 .
و أخرج الطبراني في الأوسط و الصغير عن أنس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم من صلى علي صلى واحدة صلى الله عليه عشرا و من صلى علي عشرا صلى الله عليه مائة و من صلى علي مائة كتب الله بين عينيه براءة من النفاق و براءة من النار و أنزله الله يوم القيامة مع الشهداء، قال الحافظ المنذري فيه ابراهيم بن سالم الهجيمي لا أعرفه بجرح و لا عدالة .
ثم اعلم إن المقصود من الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم التقرب إلى الله بامتثال أمره و قضاء حق النبي صلى الله عليه و سلم و مـِثـْلـُنا لا يشفع لمثله و لكن الله أمرنا بـِـمُــكـَـافـَـأة من أحسن إلينا فان عجزنا عنها سـَـأ لنـَــا الله أ، يتولى جــــزاءه بما هو أهــــل من الفضـــل و التكـــريم فأرشدنـــا الله لمـــا علم عجزنا عن مكافأة نبينا صلى الله عليه و سلم إلى الصلاة عليه .قال الحليمي و ابن عبد السلام .
و الأصل الثالث في الطريق هو الكلمة المشرفة التي لا امتراء في كونها الدعامة الكبرى في الدين كله و لإقامتها أنزل الله الكتب و أرسل الرسل، و في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم “بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله و إقام الصلاة و إيتاء الزكاة و صوم رمضان و حج البيت لمن استطـــــاع إليه سبيـــــلا” و لا يخفى أن رسول الله صلى الله عليه و سلم شبه الإسلام ببيت ذي دعائم خمس فاذا سقط أي عمود من هذه الأعمدة فلا يزال مسمى البيت موجودا ، و هكذا هي الكلمة و لذا جعلها الشيخ رضي الله عنه هي الركن الأعظم في هذا الورد أخرج الإمام أحمد و الطبراني في معجمه الكبير عن يعلى بن شداد و عبادة بن الصامت رضي الله عنه حاضر يصدقه قال كنا عند النبي صلى الله عليه و سلم فقال هل فيكم غريب يعني أهل الكتاب قلنا لا يا رسول الله فأمر بغلق الباب و قال ارفعوا أيديكم و قولوا لا إله إلا الله فرفعنا أيدينا ساعة ثم وضع صلى الله عليه و سلم يده ثم قال الحمد لله اللهم انك بعثتني بهذه الكلمة و أمرتني بها ووعدتني عليها الجنة و إنك لا تخلف الميعاد ثم قال أبشروا فإن الله قد غفر لكم: قال أبوا الحسن الهيثمي فـــي مجمع الزوائد ص 18 ج 1 رواه أحمد و الطبراني و البزار و رجاله موثقون اهـ .
أخرج الترمذي و النسائي عن جــــــابر بن عبد الله رضي الله عنهما قــــــــال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم أفضل الذكر لا إله إلا الله صححه ابن حبان و الحاكم .
و أخرج النســـــــائي بسند صحيـــح عن أبي سعيد الخذري رضـــــــي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : قال موسى عليه السلام يا رب علمني شيئا أذكرك به قال قل لا إله إلا الله .
و روى الطبراني عن بلال رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم يا بلال ناد في الناس من قال لا إله إلا الله قبل موته بسنة أو شهر أو جمعة أو يوم أو ساعة دخل الجنة قال إذا يتكلوا قال و إن اتكلوا اهـ. مجمع الزوائد ص 18 ج 1
فصل في قراءة بعض الأوراد على أ َكْمَلِ حَالٍ من الطهارة كجوهرة الكَمَال
و قد اعترض قوم على ذلك و هذا إما جهلا منهم بحقـــــــــائق الشريعة المطهرة أو حسدا لأولياء الله اهـ .
و قد أخرج أبو داود في سننه ص4 ج 1 عن ابن عمر أن رجــــــلا سلم على رسول الله صلى الله عليه و سلم فلم يرد صلى الله عليه و سلم السلام فتيمم ثم رد عليه السلام .
و عن مهاجر بن قنفذة أنه أتى النبي صلى الله عليه و سلم و هو يبول فسلم عليه فلم يرد عليه حتى توضأ ثم اعتذر إليه فقال إني كرهت أن أذكر الله عز وجل إلا على طهــــرا و قال على طهارة . رواه الترمذي .
و قال ابن العربي و ذكر الله على الطهارة أفضل و لاسيما إن كان دعاء و قد كان مالك لا يقرأ عليه الحديث حتى يتوضأ
و سأل عبد الله بن عامر ابن عمر عن الدعاء فقال لا يقبل الله صلاة بغير طهور و هذا يدل على أن الوضوء للدعاء مشروع .
و كذلك الحديث الصحيح أن أبا موسى الأشعري سأل النبي صلى الله عليه و سلم أن يستغفر لأبي عامر الأشعري قال فدخلت على النبي صلى الله عليه و سلم و أخبرته بخبرنا و خبر أبي عامر فدعا بماء فتوضأ ثم رفع يديه فقال اللهم اغفر لعبد الله بن عامر، انظر تحفة الأحوذي شرح الترمذي ص 9 ج 1 خاتمة .
و جاء في وقت الأوراد اللازمة صباحا و مساءا التي اختارها شيخنا عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول الله تعالى ( ابن آدم أذكرني بعد الفجر و بعد العصر ساعة أكفك ما بينهما ) رواه مسلم في الصحيح .
و من الأذكار اللازمة للطريقة التجانية ملازمة الهيللة بعد عصر الجمعة و الدليل فيه ما ذكره السيوطي و الشيخ أبوا طالب المكي في كتاب قوت القلوب ص 66 كانت سيدتنا فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه و سلم تراعي ذلك الوقت و تأمر خادمها أن ينظر إلى الشمس فيؤذنها بسقوطها فتأخذ في الدعاء و الإستغفار في ذلك الوقت إلى أن تغرب الشمس و تخبر أن تلك الســـــاعة هي المنتظــــرة و تــــــــؤثره عن أبيها صلى الله عليه و سلم .
و في مدخل للشيخ ابن الحاج أنها كانت تذكر الله في تلك الساعة و لا تكلم أحدا .
و من المعلوم المقرر عند العلماء أن أفضل الذكر لا إله إلا الله لحديث أفضل ما قلت أنا و النبيون من قبلي لا إله إلا الله ، و كثير من علماء الصحابة قالوا أن الساعة التي في الجمعة بعد العصر .
و من المأثور الحديث المقدم ذكره آنفا و كذلك في مجمع الزوائد حديث أنس أن النبي صلى الله عليه و سلم قال ابتغوا الساعة التي ترجى في الجمعة ما بين العصر إلى غيبوبة الشمس و هي قدر هذا يعني قبضة. قــــــال رواه الطبراني في الأوسط اهـ ص 66 ج 2 مجمع الزوائد
و في الصحيح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ما لم يستعجل قيل يا رسول الله ما الإستعجال قال:يقول قد دعوت فلم أر يستجيب لي فيستحسر عند ذلك و يترك الدعاء .
وقال الإمام القرطبي في التفسير و يمنع من إجابة الدعاء أيضا أكل الحرام و ما كان في معناه، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ” الرجل يطيل السفر أشعت أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب و مطعمه حرام و مشربه حرام و ملبسه حـــــــرام و غذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك ” و هذا استفهام وجه الاستبعاد على قبول دعاء من هذه صفته .
فإن إجابة الدعاء لا بد لها من شروط في الداعي و في الدعاء و في الشيء المَدعُو به ، فمن شرط الداعي أن يكون عالما بأن لا قادر على حاجته إلا الله و أن الوسائط في قبضته و مُسَخَرةٍ بتسخيره و أن يدعو بنية صادقة و حضور قلب فإن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاهٍ ، و أن يكون مجتنبا لأكل الحرام و ألا يمل من الدعاء ، ومن شرط المدعو به أن يكون من الأمور الجائزة الطلب و الفعل شرعا ، كما قال ” ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ” فيدخل في الإثم كل ما يأثم به من الذنوب و يدخل في الرحم جميع حقوق المسلمين و مطالبهم .
و قد قال عبد الله التستري: شروط الدعاء سبعة.أولها التضرع و الخوف و الرجاء و المداومة و الخشوع و العموم و أكل الحلال .
و قال ابن عطاء .إن للدعاء أركان راجحة و أسبابا و أوقاتا ، فإن وافق أركانه قوي و إن وافق أجنحته طار في السماء و إن وافق مواقيته فاز وإن وافق أسبابه أنجح، فأركانه حضور القلب و الرأفة و الاستكانة و الخشوع و أجنحته الصـــدق و مواقيته الأسحار و أسبابه الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم .
و قيل شرائطه أربع : أولها حفظ القلب عند الوحدة و حفظ اللســـــــان مع الخلق و حفظ العين عند النظر إلى ما لا يحل و حفظ البطن من الحرام .
و قد قيل إن من شرط الدعاء أن يكون سليما من اللحن، كما أنشد بعضهم .
ينادي ربه باللحن ليث كذلك إذا دعاه لا يجيب
و قيل لإبراهيم بن الأدهم ما بالنا ندعو فلا يستجاب لنا ؟ قال لأنكم عرفتم الله فلم تطيعوه وعرفتم الرسول صلى الله عليه و سلم فلم تتبعوا سنته ، و عرفتم القرآن فلم تعملوا به و أكلتم نعم الله فلم تؤدوا شكرها و عرفتم الجنة فلم تطلبوها و عرفت النار فلم تهربوا منها و عرفتم الشيطان فلم تحاربوه ووافقتموه ، وعرفتم الموت فلم تستعدوا له، و دفنتم الأموات فلم تعتبروا، و تركتم عيوبكم و اشتغلتم بعيوب الناس .
و هنا انتهى ما أردت جمعه
و الحمد لله أولا وآخرا
و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم