خطر الأخذ عن الكتاب بلا شيخ
قال الشاعر:
ليس في الكتب والقراطيس علم
إنما العلم في صدور الرجال
وقال أبو حيان النحوي المتأخر المشهور في أثناء كلام له:
وأما إن كان صاحب تصانيف ، وينظر في علوم كثيرة = فهذا لا يمكن أن يبلغ الإمامة في شيء منها ،
وقد قال العقلاء: ازدحام العلوم مضلة للمفهوم ، ولذلك تجد من بلغ الإمامة من المتقدمين في علم من العلوم لا يكاد يشتغل بغيره ، ولا ينسب إلى غيره ، وقد نظمت أبياتا في شأن من ينهز بنفسه ، ويأخذ العلم من الصحف بفهمه :
يظن الغمر أن الكتب تهدي * أخا فهم لإدراك العلوم
وما يدري الجهول بأن فيها * غوامض حيرت عقل الفهيم
إذا رمت العلوم بغير شيخ * ضللت عن الصراط المستقيم
وتلتبس العلوم عليك حتى * تصير أضل من توما الحكيم (1)
أشرت إلى قول بعضهم :
قال حمار الحكيم توما * لو أنصفوني لكنت أركب
لأنني جاهل بسيط * وصاحبي جاهل مركب
(1)توما الحكيم
توما الحكيم هو طبيب ، ذكر في بعض المصادر التاريخية و يضرب به المثل في الجهل.
كان أبوه طبيبا وبعد وفاته ورث كتب أبيه وبدأ يشتغل بها. و كان يقرأ: «الحبة السوداء شفاء مِن كلّ داء» ، غير أن النسخة التي قراها كان فيها خطا املائي بسيط ، حيث استبدلت كلمة «الحبة» ب «الحية» فقراها «الحية السوداء شفاء مِن كلّ داء» ، وقيل أن كان يبحث عن حية سوداء فلدغته و مات و في رواية قيل أنه تسبب بموت خَلق كثير.
ولذا قال أبو حيان النحوي:
يظن الغمر أن الكتب تهدي أخا فهم لإدراك العلوم
وما يدري الجهول بأن فيها
غوامض حيرت عقل الفهيم
إذا رمت العلوم بغير شيخ
ضللت عن الصراط المستقيم
وتلتبس الأمور عليك حتى
تكون أضل من توما الحكيم
وقال آخر:
قال حمار الحكيم توما
لو أنصفوني لكنت أركب
لأنني جاهل بسيط
وصاحبي جاهل مركب
وفي رواية اخرى قيل أن توما الحكيم حث الناس على التصدق ببناتهم لغير المتزوجين صدقة لله ، مثل الذي يتصدق بالطعام للجائع فقيل:
تصدق بالبنات على البنين يريد بذاك جنات النعيم
كما جاء ذكره في «خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر» للمحبي حيث قيل:
أفاضل جلق أين العلوم وأين الدين مات فلا يقوم يجاهركم خطيبكم بفسق ويفتي فيكم توما الحكيم
الفقير محمد ساخو التجاني أغناه الله تعالى به آمين